نبذة تاريخية عن الكلية

 

أصبحت علوم البحار من أهم العلوم التطبيقية في عصرنا الحديث حيث تُعنى أساساً بدراسة البحار والمحيطات التي تحتل معظم مساحة كوكبنا الذي نعيش فيه بنسبة 71 %، فلا يمكن بأي شكلٍ من الأشكال للإنسان أن يتجاهل هذة النسبة العالية من مساحة الكرة الأرضية دون دراسة لها وكشف أسرارها واستغلال مواردها بالطرق العلمية المثلى.

            ويواجه العالم الآن مشكلات غذائية كثيرة لأن إنتاج الغذاء وخاصة البروتيني منه لم يعد كافياً للوفاء بالاحتياجات الملحة لدى سكان العالم الذين يتزايدون بإستمرار، بل إن نسبة كبيرة منهم وخاصة في الدول النامية تعاني حالياً من أمراض ناتجة عن نقص البروتين في غذائها، ولعل البديل الوحيد هو استغلال البحار كمصدر ثابت للحصول على غذاء بروتيني، ومن المؤكد إن كمية الغذاء البروتيني الذي يحتاجه العالم يمكن توفيرها عن طريق البحوث العلمية التي تهدف إلى كشف مناطق صيد جديدة وتطوير تكنولوجيا المصايد.

            ولو نظرنا إلى خريطة العالم التي توضح أن مناطق شاسعة من القارات تشغلها صحارى جرداء كما أن توزيع المصادر الطبيعية للمياه العالمية ليست متوازنة في أنحائها مما يعرض مناطق شاسعة منها للقحط والجفاف لحرمانها من المياه العذبة ولكي تستمر حياة الشعوب على المستوى اللائق فلا بد من البحث عن مصادر جديدة للمياه لمواجهة متطلبات النمو الزراعي والعمراني، ويعتبر البحر مصدراً ثابتاً للحصول على الماء العذب فالبحار تحوي 97% من الماء الموجود على كوكب الأرض فلماذا لا نحول ماءها المالح إلى ماء عذب للاستفادة منه على أوسع نطاق.

            وإذا تأملنا مصادر الثروة المعدنية على اليابسة نجد أنها بدأت تتعرض للنفاد نتيجة لضخامة استغلالها لتفي بالمتطلبات المتزايدة لسكان العالم الذين يتضاعف عددهم على مر السنين في حين نجد أن رصيد البحر من هذه المعادن ثابت على وجه التقريب وقد بدأ العالم يتجه إلى البحر باعتباره منجماً ضخماً لمعظم المعادن والعناصر الكيميائية لتعويض النقص فيها حتى يواجه التطور السريع للتكنولوجيا والصناعة والاحتياجات الحضارية للإنسان. كما أن مصادر الطاقة بدأت تتناقص على الأرض، ويبحث العالم حالياً عن البدائل ومن بينها استغلال أمواج البحر والمد والجـزر وفــروق درجات حرارة مياه المحيطات الكبيرة بين السطح والأعماق لإنتاج الطاقة. وباختصار فالبحر يعد في الوقت الراهن أهم مصدر للغذاء، المعادن، الماء العذب والطاقة في مواجهة التضخم السكاني وهذا هو سبب اهتمام دول العالم المتقدمة بدراسة البحار والمحيطات والإنفاق بسخاء على برامج البحوث التي تهدف إلى إستكشاف وإستغلال ثرواتها الحية والغير الحية من خلال الجامعات العريقة التي تدرس علوم البحار بمختلف تخضصصاتها.

            ومن هذا المنطلق فإن المملكة العربية السعودية التي تسعى دائماً لمواكبة التطور العالمي في العلوم والتكنولوجيا، متفهمة لضرورة الاستغلال الاقتصادي الأمثل للثروات الطبيعية البحرية في الرقع المائية الممتدة على طول شواطئ البحر الأحمر والخليج العربي للحصول على حاجتها من غذاء بروتيني ومعادن وماء عذب.

            وقد أخذت جامعة الملك عبدا لعزيز هذه الأمور في الاعتبار فأنشأت في عام 1395هـ قسماً لعلوم البحار تابعاً لكلية العلوم واقتصرت الدراسة فيه في بادئ الأمر على تخصص الأحياء البحرية لمرحلة البكالوريوس، ونظراً لأن دراسة علوم البحار لا يمكن أن تقتصر على تخصص واحد، فتخصصات علوم البحار يكمل كل منها الآخر، لذلك فقد صدر قرار المجلس الأعلى للجامعة رقم 2 بتاريخ 6/7/1398هـ بإنشاء معهد علوم البحار مشتملاً على أربعة أقسام تخصصية هي: علوم البحار الحيوية والفيزيائية والكيميائية والجيولوجية وذلك للقيام بدورها التدريسي وإجراء البحوث العلمية ثم تغير مسمى معهد علوم البحار إلى كلية علوم البحار بقرار المجلس الأعلى للجامعة بتاريخ 18/4/1401هـ الموافق 22/2/1981م.

إضافة إلى التخصصات المذكورة آنفاً فلقد تطورت صناعة النقل البحري وقد أُدخلت التخصصات فيما بينها بحيث أصبحت علوم البحار وصناعة النقل البحري مرتبطتان مع بعضها. لذا فلقد قامت الكلية بإنشاء قسم الدراسات البحرية الذي يضم ثلاثة شعب هي شعبة الملاحة والمساحة البحرية وشعبة الهندسة البحرية وشعبة الموانئ والنقل البحري. وقد تكاملت التخصصات المهمة بعلوم البحار والتخصصات المهمة بالنقل البحري وصدرت موافقة المجلس الأعلى للجامعة في اجتماعه الثالث والأربعين المنعقد بتاريخ 28/12/1411هـ الموافق 10/7/1991م في قراره رقم (8) والمشار إليه بخطاب الأمين العام لمجلس الجامعة رقم 5724/200 بتاريخ 13/1/1412هـ على إنشاء قسم الدراسات البحرية بشعبه الثلاث الملاحة والمساحة البحرية، الهندسة البحرية، الموانئ والنقل البحري. ومن ثّم استقل قسم الدراسات البحرية في عام 1435هـ ليصبح كلية الدراسات البحرية.

 


آخر تحديث
4/14/2016 12:03:34 PM